الرسول محمد (ص) دعا إلى الكرامة الإنسانية، والطاغوت أذلها.// د. وليد الحلي
بسم الله الرحمن الرحيم
الرسول محمد (ص) دعا إلى الكرامة الإنسانية، والطاغوت أذلها.
( وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ، وَحَمَلْنَاهُمْ فِي
الْبَرِّ وَالْبَحْرِ، وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ،
وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا)
الإسراء:70.
بعث رسول الله محمد (صلى الله عليه وآله) لبناء شخصية الإنسان وإعادة
تأهيل أفكاره وعقيدته وسلوكه، وذلك بمخاطبة العقل عبر القلب وإعطاء
المصداق الأخلاقي الصادق، ولإقناع الإنسان بضرورة تغيير
نفسه.
كما أنه انتهج الحوار السلمي والإقناع الحر بالدليل والمنطق والبرهان،
واهتم باستخدام أسلوب السلم والسلام واللين في التعامل، وعدم اللجوء
إلى القوة والغلظة والعنف إلا في الدفاع عن النفس.
ولد خاتم الأنبياء والمرسلين محمد بن عبد الله (ص) في 12-17 ربيع
الأول عام 53 قبل الهجرة (عام الفيل في 20 أو 22 نيسان عام 571
ميلادية) في مكة المكرمة، لتنوير البشرية بكرامتها الإنسانية عند الله
عز وجل.
تميز النبي (ص) بتربية وتأديب رباني وبخلق مثالية وإحسان وتسامح،
والابتعاد عن الشدة والغلظة، حيث وصفه الله -عز وجل- في الآية
القرآنية: (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) القلم: 4،
فأجاب الرسول (ص) قائلا: ( أدبني ربي فأحسن تأديبي).".
تصدى رسول الله (ص) لتعزيز حاجتنا الإنسانية باستحضار القدوة
الإنسانية الملهمة التي تعيد إلينا الأمل والازدهار، وتساعدنا على
إعادة التوازن والانسجام وتحقيق العدالة في مجتمعاتنا الإنسانية.
وقد أكمل خاتم الأنبياء والمرسلين محمد (ص) الدين الإسلامي الذي دعا
له نبي الله إبراهيم (ع)، والأنبياء موسى (ع) وعيسى (ع) في التشريعات
والمناهج السماوية لليهودية والنصرانية (وَمَنْ أَحْسَنُ دينا مِمَّنْ
أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ، وَاتَّبَعَ مِلَّةَ
إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا) النساء:125،
و(ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا، ولكن كان حنيفا مسلما، وما كان
من المشركين) آل عمران: 67.
إن الأنبياء جميعهم جاؤوا بدين واحد وهو الدين الإسلامي (إِنَّ
الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ) آل عمران: 19
وإن التشريعات والمناهج السماوية المتعددة راعت الطبيعة الإنسانية في
مراحل النمو البشري ودرجات وعيهم (قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا
أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ
وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَىٰ
وَعِيسَىٰ وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ
بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) البقرة: 136.
وبالمقابل اتجه السلوك الأناني والعدواني للطواغيت والمستكبرين إلى
تفعيل الأزمات الاقتصادية والمالية والأخلاقية وإشعال الحروب والأزمات
والفتن والمكر والاعتداءات على الكرامة الإنسانية التي كرمها الله
لقد تسبب طغيان المنهج اللاإنساني بالتعامل بين بني البشر في الصراعات
التي تعصف بالعالم اليوم، وتؤثر في الانسان والمجتمعات والدول، والتي
شحنت الأجواء الملغومة بالتحديات والنزاعات والمشاكل، وأنتجت أزمات
اقتصادية ومالية وأخلاقية وسلوكية، بغياب الرادع الأخلاقي والقيمي
بعيدا عن إطاعة خالقهم وقوانينه واستجابة لسيطرة أعداء البشرية!
وفي ذكرى ولادته الميمونة (ص)، نستلهم من مسيرة منقذ البشرية وضيائها
ضرورة التثقيف والتوعية والاعتبار من مسيرته التغييرية والإصلاحية
العظيمة، وتغليب الحكمة والعقل والصبر في حل المشاكل والتحديات، وعدم
الاعتداء على الغير، ومكافحة الإرهاب وداعميه، والحيلولة دون تمكن
الدول المتنفذة في استمرارها باحاكة المؤامرات وفرض الأنظمة
الاستبدادية والعنصرية وتفتيت الدول بمكر عنصري وطائفي ومصلحي.
إن العالم بحاجة إلى نبذ التناحر والاقتتال والإرهاب والانقسام
والفرقة وتحاشي الضغائن، والتخلص من الجور والطغيان والظلم والفساد في
العالم، والعمل على وحدة الصف وتنقية القلوب من الأحقاد، وتقويم
النفوس من الاعوجاج والانحراف، والتزام التعاون بين الناس والدول على
البر والتقوى، ونبذ العنف والشر بأنواعه، والتمتع بالعلم والوعي
والأخلاق الحميدة والفضيلة لمستقبل أفضل للبشرية.
وليد الحلي
16 ربيع الأول-21-9-2014