الزيارة المليونية في أربعينية الإمام الحسين (ع): تأييدٌ لنهضته الإصلاحية || د.وليد الحلي
بسم الله الرحمن الرحيم
الزيارة المليونية في أربعينية الإمام الحسين (ع):
تأييدٌ لنهضته الإصلاحية
الملتقى الجماهيري المليوني العالمي السنوي للزائرين في
أربعينية الإمام الحسين (ع) الى كربلاء في شهر صفر من كل عام يعد
تأييداً لمنهج نهضته الإصلاحية.
كذلك فإن إصرار الجماهير الحسينية السير مشياً على الأقدام لمسافات
طويلة إلى كربلاء المقدسة رغم المشاق العديدة، وأولها درجة الحرارة
العالية التي تصل إلى حوالي 50 درجة مئوية، هو تعبير عن التأييد لمنهج
الإمام الحسين (ع) بضرورة إجراء الإصلاحات بوعي وحزم وثبات لإقامة
العدل. قال الإمام (ع): (أَنِّي لَمْ أَخْرُجْ أَشِراً ولَا بَطِراً
وَلَا مُفْسِداً وَلَا ظَالِماً، وَإِنَّمَا خَرَجْتُ لِطَلَبِ
الْإِصْلَاحِ).
وأيضا لاحترام الحقوق والحريات، ومقاومة الظلم والطغيان، ونشر
الفضيلة، ونبذ الأشرار، وعدم التسلط على الناس باستخدام الطرق غير
المشروعة، وشجب ممارسة الفساد والرذيلة، والانتصار دائما للحق وليس
للأشخاص، واللجوء إلى الخيار الذي تنتخبه الأمة الرسالية الواعية
لمهامها، والتي لا تقبل الخانعين والمستسلمين الذين استرخصوا القيم
مقابل ملذات الدنيا، وفضلوا بيع الوطن للأجنبي.
وقد حاول النظام الطاغوتي البعثي البائد منع هذه المسيرات من
الانطلاق من النجف في صفر عام ١٣٧٧ هـ - ١٩٧٧ م وبعدها حتى سقوطه عام
2003م، (ولكن الجماهير أقوى من الطغاة مهما تفرعنوا)، كما قال السيد
الشهيد محمد باقر الصدر، وفعلا تصدت الجماهير الحسينية، وأصرت وتحدت
النظام البائد، وانطلقت في انتفاضة صفر، وقدمت الشهداء الأبرار، حتى
سقط النظام البائد الذي منعها من ممارسة حقوقها.
إن التضحيات الكبيرة التي قدمها الإمام الحسين (ع) وأهل بيته الكرام
وأصحابه المضحون في كربلاء، ومن سار على نهجهم عبر التاريخ، استهدفت
تحريك عواطف الناس للنهوض الواعي والحركي والعملي لإصلاح الفساد في
الأمة، ولهذا كانت الحاجة إلى استذكار فاجعة كربلاء دائما لنعيش
الإصلاح في أنفسنا ومجتمعاتنا وأمتنا قولا وفعلا، ولننتفض دائما على
الواقع الفاسد فيها، ونصلح مسيرتنا التغييرية، والتزام الأمر بالمعروف
والنهي عن المنكر.
إن نهضة الحسين (ع) الإصلاحية ليست من أجل الحصول على مكاسب دنيوية،
ولا لرد خصومة شخصية أو عائلية، أو مصلحة فئوية أو طائفية أو عنصرية
أو مذهبية أو قومية، وإنما السعي لتحقيق العدل والعودة إلى الصراط
المستقيم.
من هنا فإننا اليوم مدعوون أكثر من أي وقت مضى إلى التصدي لنصرة
الحق ضد الباطل من خلال التضحيات، أسوة بنهضة الإمام الحسين (ع) وهو
القدوة الحسنة والمثل الأعلى في التضحية لله لتحقيق العدل ومقاومة
الظالمين والفاسدين والمعتدين ومحرفي الدين والعقائد.
كذلك فإننا نحتاج إلى وقفة جهادية (صغرى وكبرى) تشبه جهاد أبطال
العراق ضد عصابات داعش (ويطلق عليها بالجهاد الأصغر)، وفي مجال جبهات
إصلاح النفس الإنسانية (ويطلق عليها بالجهاد الأكبر)، والالتزام بما
أراده الله -سبحانه وتعالى- منا والانتهاء عما نهاه، وتفعيل الشعارات
الحسينية على أرض الواقع وتوعية الأمة بواجباتها في جوانب الإصلاح
الديني والثقافي والسياسي والاجتماعي والاقتصادي والمالي
والعلاقات.
وليد الحلي
14 صفر 1446
19 آب 2024