بسم الله الرحمن الرحيم
لقد نص الدستور العراقي في مادته السابعة بشكل صريح على حظر حزب البعث، ومنع رموزه من العودة إلى الحياة السياسية تحت أي مسمى أو عنوان، واعتبر انتماءهم لهذا الحزب جريمة لا تسقط بالتقادم. وقد جاءت هذه المادة استجابة لمرحلة مظلمة من تاريخ العراق، عاش فيها الشعب سنوات من القمع والتمييز والدماء على يد نظام استبدادي استند إلى فكر عنصري وإرهابي وطائفي.
وانطلاقًا من هذا المبدأ الدستوري، تم إنشاء الهيئة الوطنية للمساءلة والعدالة، لتكون الجهة المختصة في كشف البعثيين، وجمع الأدلة التي تثبت انتماءهم، واتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم، بما في ذلك منعهم من الترشح أو المشاركة في العملية السياسية. وتؤكد النصوص القانونية أن الهيئة ليست جهة قضائية تُصدر أحكامًا، بل جهة تنفيذية تعمل على تطبيق القانون وفقًا للدستور، وقراراتها ملزمة ولا يجوز التدخل فيها من أي جهة سياسية أو حكومية أو تشريعية.
إن أي محاولة للتساهل مع هذه الإجراءات أو التغاضي عنها، تعني فتح الباب أمام اختراق مؤسسات الدولة، وعودة الفكر البعثي عبر قنوات التشريع أو الأمن أو الاقتصاد. وهذا يشكل تهديدًا مباشرًا لمسار الدولة الديمقراطية، ويُعد استخفافًا بتضحيات العراقيين الذين قاوموا الاستبداد ودفعوا ثمنًا باهظًا من أجل بناء عراق جديد.
وندعو إلى الوقوف الحازم مع الهيئة الوطنية للمساءلة والعدالة، وتمكينها من أداء واجبها دون ضغوط أو عراقيل. وإذا ثبت بالأدلة أن أحد الأفراد الذين تسللوا إلى البرلمان أو مواقع الدولة كان منتمياً سابقاً لحزب البعث، فيجب شمله فورًا بالإجراءات القانونية، بصرف النظر عن موقعه الحالي أو الطريقة التي وصل بها إلى المنصب.
إن حماية العملية السياسية من التلوث البعثي ليست خيارًا، بل واجب وطني ودستوري، ولا يجوز تحت أي ظرف أن تُقدَّم المجاملات السياسية على حساب دماء العراقيين ومستقبل دولتهم.
نوري المالكي
رئيس ائتلاف دولة القانون
٨ / اب / ٢٠٢٥
اترك تعليقك
ملاحظة: لطفا التعليق يخضع لمراجعة الادارة قبل النشر.