بسم الله الرحمن الرحيم

(إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ ۚ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ ۖ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ ۚ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ ۚ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ ۚ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) سورة التوبة ؛ 111

يستذكر الدعاة وأبناء شعبنا في هذا اليوم 5-12-1974 ذكرى شهادة قبضة الهدى -رضوان الله عليهم- الشيخ عارف البصري وصحبه الابرار: (السيد عز الدين القبانجي، والسيد عماد الدين التبريزي، والسيد حسين جلوخان، والأستاذ نوري طعمة) وهي الكوكبة الأولى من شهداء الدعوة بعد استشهاد القائد الدعوي عبد الصاحب دخيل (أبو عصام) رضوان الله عليه.

لقد كان هؤلاء الشهداء طليعة الوعي والتغيير، وشعلة النشاط والتحرك، ومحور العمل الدعوي التنظيمي والفكري والجماهيري، فقد اشرقوا على العراق بشعاع العمل الحركي ونور الدعوة، وكانوا صفحة مضيئة في تاريخ هذه الأمة والوطن تذكرهم الأجيال بفخر واعتزاز لمواقفهم الصامدة، لأنهم أسسوا لإرساء النظام الاسلامي العادل عبر بث تعاليم الاسلام وقيمه وجعله خيار الامة، وهو هدف الدعوة الاساسي في الماضي والحاضر والمستقبل.. لذلك فقد كان اعدام الشهداء الخمسة إنذارا مبكرا لكل المؤمنين الواعين والاحرار في العراق وتحديا جديا لهم ولمشروعهم الاسلامي الكبير.

إلا أن شجرة الدعوة قد استقام عودها وانتشرت خلاياها واستأنفت عملها بنحو أكثر اتساعا من ذي قبل استلهاما من مواقف قبضة الهدى وصمودهم رضوان الله تعالى عليهم، فقد رفض الشهداء مساومة النظام لهم ومقايضتهم بحياتهم مقابل التبرؤ من الدعوة ومدح النظام الدكتاتوري عبر مقابلة تلفزيونية.

إن النظام البعثي عبر اقدامه على هذه الجريمة النكراء قد كشف عن وجهه الدموي، وتوجهاته الطاغوتية وزيف شعاراته، فالتجرؤ على إعدام هؤلاء الاخيار كان رسالة واضحة الى كل الأوساط الإسلامية والسياسية الأخرى بأن الطريق في العراق لا يتسع الا لهم وحدهم، ولكن للأسف لم تستوعب هذه الرسالة الا القلة القليلة.. وقد أكدت شهادة هؤلاء الابطال على ما يأتي:

- تجذر حزب الدعوة الإسلامية في الأمة، والخطر الذي يشكله على النظام البائد، فلجأ الى أسلوب القتل والتغييب من أجل عرقلة تقدمه وانتشاره وترهيب الأمة من الانخراط في خطه.

- إن اعدام هؤلاء الابرار كان يهدف الى تطويق التيار الإسلامي بوصفه ندا سياسيا قويا، والحد من النشاط والفاعلية الجماهيرية الواسعة للدعوة والتي تمثلت بمشاريع الشيخ عارف البصري في العاصمة بغداد.

- إن قبضة الهدى عبرت عن التلاحم بين العلماء والحوزة العلمية في النجف الأشرف وبين الطلبة الجامعيين والمثقفين الرساليين الذين يجمعهم مشروع واحد هو نصرة الإسلام ودوره في قيادة المجتمع.

- إن الاقدام على اعدام الشهداء الخمسة قد أوضح بنحو لا يقبل الشك أن النظام البعثي الهمجي القمعي كان يخطط للقضاء على كل عمل إسلامي بالعنف والقوة الغاشمة، حيث لم تمض سوى سنوات قليلة حتى تفجر هذا الصراع الدموي الذي كان الدعاة في خطه الأول وطليعته بقيادة المرجع القائد الشهيد السيد محمد باقر الصدر رضوان الله تعالى عليه.

إن استذكار هؤلاء الافذاذ والتأسي ببطولاتهم يكشف عن دور الدعوة المباركة وضريبة الدم الباهظة التي دفعتها في سبيل تحقيق الحرية للشعب ودحر البعث والدكتاتورية، وإن ذكراهم مصدر إلهام للجيل الدعوي الصاعد ولكل المؤمنين من أجل التمسك بخطهم ومواصلة طريقهم وتحقيق أهدافهم، وسنبقى مدينين لكل أولئك الشهداء الذين عبدوا طريق الحرية والكرامة لشعبهم بأغلى ما لديهم، وإن هذه المناسبة هي فرصة لمراجعة الذات والتعاهد مع أولئك الابرار في المضي قدما على النهج الذي اختطوه بدمائهم الطاهرة في سبيل عقيدتهم وأمتهم ووطنهم، وإن الوفاء لهم يقتضي تدعيم النظام السياسي الجديد الذي ولد من رحم تضحياتهم، وتصحيح مساراته ليكون بخدمة المواطنين الذي يستحقون هذه التضحيات الغالية.

الرحمة والرضوان لشهدا قبضة الهدى ولجميع شهداء العراق.

حزب الدعوة الإسلامية

5 كانون الأول 2023

20 جمادى الأولى 1445