الشرق الأوسط بين نيران التوتر وأمل الدبلوماسية... العراق في قلب العاصفة || تحسين السيد
الشرق الأوسط بين نيران التوتر وأمل الدبلوماسية...
العراق في قلب العاصفة
تحسين السيد ..
في قلب هذه المنطقة التي تشبه دائمًا قدرًا ثقيلاً على صدر التاريخ،
يقف العراق اليوم كمشهد حي لصراع قديم جديد. شرق أوسط يتأرجح بين
تهديدات الحروب وفرص السلام، وبين أصوات المدافع وأصداء المفاوضات في
مسقط.
يقول المثل العراقي الشعبي: "إذا طاح الجمل كثرت سكاكينه"، وهذا المثل
ينطبق تمامًا على الوضع الحالي. ففي وقت تصعد فيه الولايات المتحدة
تهديداتها وتجهز لسحب جزء من سفاراتها، في ظل تزايد التوتر مع إيران،
يبدو العراق كالجمل الذي يسقط في بئر الصراعات، ليواجه الطعنات من كل
جانب.
تاريخ العراق مليء بالمحطات التي جعلته ساحة لتنافس القوى الإقليمية
والعالمية. الآن مع إعلان أمريكا عن إجلاء موظفي سفارتها جزئيًا،
وتهديدات إيرانية باستهداف قواعد أمريكية في المنطقة، نجد العراق مرة
أخرى على مفترق طرق. رغم تأكيد المسؤولين العراقيين على استقرار
الوضع، تبقى الحقيقة أن جغرافيا العراق السياسية تعني أنه لا يمكن أن
يكون بعيدًا عن تداعيات هذا الصراع.
كما يقول العراقيون أيضًا: "الدنيا دوارة"، وهذا التعبير يشير إلى
تقلب الأحوال بين استقرار واضطراب. ففي سنوات مضت، كانت لحظة تفاهم أو
هدنة تعني في الغد انفجارًا جديدًا للصراع . فهل ستكون الدبلوماسية في
مسقط هذه المرة المنقذ، أم أن "الدنيا دوارة" ستعود بقوة إلى
المشهد؟
جولة المفاوضات النووية السادسة التي من المقرر أن تعقد في عُمان وسط
توقعات متقلبة، تحاول أن تمنح المنطقة بارقة أمل في خفض التصعيد . لكن
التشكيك الأمريكي في انعقادها، مع استمرار التصريحات الحادة للرئيس
ترامب، يشي بأن الخطر ما يزال قائمًا.
وفي ذاك المشهد، يبقى العراق في مواجهة السؤال الكبير: هل يستطيع أن
يحمي نفسه من كونه "ساحة حرب للآخرين"؟ أم أنه سيبقى ذلك الجمل في
المثل العراقي، الذي عند سقوطه، تنقلب عليه الدنيا وسكاكينها؟
إنه واقع يفرض على العراقيين، كما على دول المنطقة، أن يختاروا بين
النار والوقود، أو بين الحوار والسلام، بين صراع التاريخ القديم وفرصة
المستقبل الموعود.