بسم الله الرحمن الرحيم
( وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ) القصص:5.

تتفاقم أزمات العالم بشكل معقد وبعدة اتجاهات، منها التهديد باندلاع  الحرب العالمية الثالثة الى استخدام الأسلحة النووية والبيولوجية والكيميائية والفيروسات القاتلة المصنعة. 

التهديدات التي برزت كانت من قبل الدول المسيطرة اقتصادياً وسياسياً وأمنياً على دول العالم.

الدول التي استخدمت أجهزة  الدمار الشامل الفتّاكة، وتقنيات الاتصالات المتطورة، وتسببت في الحروب والمآسي والويلات والجوع والأمراض والتلوث البيئي والانحباس الحراري والتغييرات المناخية إضافة الى الأوبئة وآخرها جائحة كورونا لتحقيق مآربها بعيدا عن الكرامة الإنسانية، ومستفيدة في ذات الوقت من العناوين البراقة ليافطات حقوق الإنسان، وهي تعمل بشكل مخالف للقيم والمبادئ الإنسانية.

ان الانسان الذي امتلك المال والقوة الكبيرة من السلاح والتقنيات لم يتمكن من بناء حضارته الإنسانية، لأنه يعاني من الهزيمة النفسية في داخله، واهتزاز شخصيته لافتقارها الى البناء الروحي الذي يوازن استخدام هذه القوى في المجال الصحيح.

ظهور المنقذ للبشرية محل اتفاق المدارس التشريعية والمناهج الدينية لتخليصها مما هم عليه من الظلم والطغيان.

ان أطروحة الإمام محمد بن الحسن حفيد خاتم الأنبياء والمرسلين رسول الله محمد (صلى الله عليه وآله) والملقب بـ "المهدي" (عليه السلام)، والذي ولد في مدينة سامراء في 15 شعبان عام 255 هجري والموافق للأول من آب عام  869 ميلادي، تمثل الأمل للمستقبل الآمن حيث ( يملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما).

انها الرحمة للإنسانية التي ستنهي اليأس المكنون في النفوس نتيجة معاناتها من سياسات تعسف الظالمين، وتستنهض الهمم، وتبعث الأمل بوجود ضوءٍ ساطعٍ في نهاية النفق المظلم.

التغيير المنشود للإمام المهدي (ع) يفسر عند البعض بتفسيرات خاطئة ومنها التشكيك بأصل التغيير بحجج بعيدة عن المنهج القرآني في الاية خمسة  من سورة  القصص. 

ان ظهور المهدي(ع) يستوجب ان تستعد الأمة إيمانياً ونفسياً وسلوكياً وثقافياً وواقعياً للتغيير، وان تلتزم بالمقدمات المطلوبة للتغيير، وان تهيأ الأمة مقدمات ومقومات إقامة الحكم العادل ( ليملأ الأرض قسطاً وعدلاً، بعد أن مُلئت ظلماً وجوراً).

ان المستقبل هو لخير البشرية التي استضعفت من قبل الطاغوت وليس للشر وقادته وان قيادتها ستكون بأيدي عادلة اختارها الله لصالح البشرية جمعاء ( وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ ) الأنبياء-105.

نستلهم في ذكرى ولادة الإمام المهدي (ع) الميمونة والمباركة ما يلي:

- الحاجة الى الأمل والتفاعل بعيداً عن اليأس المكنون في النفوس والمتراكم نتيجة الظلم والحيف والتعسف الذي يعانيه الانسان في حياته أو من جراء سياسة الحكام الطغاة. 

- استنهاض الهمم وشحن النفوس وبعث بارقة أمل بوجود ضوءاّ ساطعا في نهاية النفق المظلم جراء سياسة تكميم الأفواه ومنع الحرية ومصادرة الحقوق والقمع والإرهاب.

 - وعي المهمة والتزاماتها، 
ووعي ما يجري من إحداث سياسية واجتماعية واقتصادية وعقائدية وفق أسس صحيحة، 
ووعي العاملين بالحق بمخططات أهل الباطل.
ووعي ضرورة الوحدة وتنظيم الجهود، 
ووعي العالم وما يدور فيه، والى أين يتجه.

- تهيئة الكوادر الفاعلة الكفوءة القادرة على حمل الأمانة وضمن معادلة متوازنة بين تهيأة الكادر القادر على حمل تلك الأمانة وبين انتظار القائد المحقق للعدالة، إذ لا يمكن ان نتوقع من إمام حجة على الناس ان يظهر في امة لم تستعد إيمانيا ونفسيا وسلوكيا وواقعيا للتغيير المطلوب.

                وليد الحلي
13شعبان1444-6آذار 2023