نحن كهف لمن التجأ إلينا || وليد الحلي
بسم الله الرحمن الرحيم
نحن كهف لمن التجأ إلينا
العمل الاجتماعي والسياسي في الأمة يحتاج الى قائد واعي وعالم وخبير
وذو تجربة سابقة حتى يستطيع استيعاب وتمشية أمور القيادة بقدرة وكفاءة
وتدبير واضح.
اللجوء الى القيادة الراعية للأمة من أجل الأمان والشعور
بالراحة والطمأنينة والاستقرار النفسي والعائلي والاقتصادي والمستقبلي
الذي يحتضن فيه الناجين من أجواء ضياع المبادئ والقيم، وتساوي الجاهل
مع العالم، وعديم التجربة مع صاحب التجربة الناجحة.
قال الإمام الحسن(ع):
( من لم يحسن أن يمنع، لم يحسن أن يُعطي)،
و(من ركب ظهر الباطل نزل به دار الندامة)،
و(الجهل خصم والحلم حكم)،
و ( من مدح غير المستحق فقد قام مقام المتهم)،
و ( اللحاق بمن ترجو خير من المقام مع من لا تأمن شره).
خبر الإمام الحسن بن الإمام علي الهادي ووالد الإمام المهدي الحجة
المنتظر (عليهم السلام) (232 - 260 هـ) أساليب القهر والاضطهاد
الذي عاناه والده وأهل بيت النبوة (ع) من قبل حكام الدولة العباسية
الذين فرضوا عليه الإقامة الجبرية في سامراء لتشديد الرقابة
عليه وعدم السماح له في الاتصال بأصحابه وأتباعه.
كانت مدينة سامراء معسكراً لقوات السلطة، وفرضت الإقامة على
الإمام الحسن (ع) لأكثر من 20 عاما فيها، وكانت تُسمى بالعسكر، فلُقّب
الإمام بالعسكري.
معاصرا خلال ستة أعوام سني إمامته ( 254 هـ - 260 هـ) ثلاثة من خلفاء
بني العباس وهم: المعتز، والمهتدي، والمعتمد. كانت سياسة هؤلاء الحكام
في حقيقتها امتداداً للسياسة التعسفية الظالمة التي انتهجها الخلفاء
العباسيون مع أئمة أهل بيت خاتم الأنبياء والمرسلين محمد (ص).
لجأ الإمام الى العمل السري في المجتمع من خلال التنظيم مع الكتمان
الشديد، وكان موقفه سلبيا أمام الحكام واستطاع فرض شخصيته العلمية
عليهم، وشن حملات مفحمة على الشبهات الإلحادية بأسلوب الحوار الموضوعي
و المناقشات العلمية، فقابلته السلطة بحملات اعتقال وتهديد وترهيب
وشراء ضمائر الناس .
راداً هجومهم بالقول (ع): ( الفقير معنا خير من الغني مع غيرنا، و
القتل معنا خير من الحياة مع عدونا، و نحن كهف لمن التجأ إلينا، و نور
لمن استبصر بنا، و عصمة لمن اعتصم بنا، من أحبنا كان معنا في
السنام الأعلى، و من انحرف عنا فإلى النار).
موضحاً (ع): ( إنكم في آجال منقوصة، وأيام معدودة، والموت يأتي بغتة،
من يزرع خيرا يحصد غبطة، ومن يزرع شرا يحصد ندامة، لكل زارع ما
زرع).
محذراً (ع): ( قِوَامُ هَذِهِ الدُّنْيَا بِأَرْبَعَةٍ: عَالِمٌ
يَسْتَعْمِلُ عِلْمَهُ، وَجَاهِلٌ لَا يَسْتَنْكِفُ أَنْ يَتَعَلَّمَ،
وَغَنِيٌّ جَوَادٌ بِمَعْرُوفِهِ، وَفَقِيرٌ لَا يَبِيعُ آخِرَتَهُ
بِدُنْيَا غَيْرِهِ).
استشهد الإمام الحسن العسكري (ع) في طريق إصلاح الحاكم والأمة، في
مدينة سامراء في 8 ربيع الأول سنة 260 هجري ( ولادته في 8 ربيع الثاني
سنة 232 هجري)، وتولى الإمامة بعد شهادة والده الإمام علي الهادي (ع)
في سنة 254 هجري، وكانت مدة إمامته ستة أعوام وأستشهد بعمر 28 عاما
رضوان الله عليه.
نستذكر في ذكرى شهادة الإمام الحسن العسكري (ع) وصاياه الآتية:
- ( أوصيكم بتقوى الله، والعمل بطاعته، واجتناب معاصيه، وأداء الأمانة
لمن ائتمنكم، وحسن الصحابة لمن صحبتموه،
وأن تكونوا لنا دعاة صامتين. فقالوا: يا بن رسول الله، وكيف ندعوا
إليكم ونحن صموت؟ قال: تعملون ما أمرناكم به من العمل بطاعة الله،
وتتناهون عما نهيناكم عنه من ارتكاب محارم الله، وتعاملون الناس
بالصدق والعدل، وتؤدون الأمانة، وتأمرون بالمعروف، وتنهون عن المنكر،
ولا يطلع الناس منكم إلا على خير).
- ( من يزرع خيرا يحصد غبطة، ومن يزرع شرا يحصد ندامة، لكل زارع ما
زرع، لا يسبق بطيء بحظه، ولا يدرك حريص ما لم يقدر له، من أعطي خيرا
فالله أعطاه،
ومن وقي شرا فالله وقاه).
وليد الحلي
4/10/2022-ربيع الأول1444