الأربعين والرفض المستدام // د.عمران كاظم الكركوشي
التداول السنوي لمظلومية اهل البيت عليهم السلام بعنوان الزيارة أدت
الى تأصيل عملية التعبير عن الصراع التاريخي وتثبيت معالم ثقافة
(الرفض المستدام) والعابر للحدود المكانية والزمانية ولايبدو من
المتغيرات انه هذا الحال سيتغير قريبا باتجاه تخفيف حالة الرفض بل
تثبت السنوات ان الدائرة تتسع والمكونات البشرية تلتحق بركب الإحساس
بالألم التاريخي ومشاركة الشيعة عملية الالتزام بحق محمد وال محمد
الذي تعرض لأكبر عملية اهدار في تاريخ البشر.
وهذا المشهد الحسيني على وجه الخصوص الاكثر حضورا والاعمق تأثيرا من
غيره في استدامة الرفض والمطالبة التاريخية الازلية والابدية بثأر اهل
البيت والذي يبدو ان الاجيال غير فادرة على دفع ثمنه وتركته لله
سبحانه وتعالى لتكون هذه الظاهرة احدى موارد الصراع المستدام بين فريق
الحق وفريق الباطل.
لا يبدو في الأفق أي امل في تراجع الظالمين عن بخس حق العترة المحمدية
ومجاهرة العداء للعقيدة الإسلامية والحال هذا فان التركيز الحالي على
متابعة التوريث المنهجي لرفض المقولات الملحدة والمنكرة للتوحيد
والرسالات السماوية السمحاء يبدو مهمة الشيعة ومناصريهم ومتابعيهم
ويتجلى ذلك في(التفعيل الحسيني المستدام) لحالة الانكار العميق للسبل
والطرائق التي تتبعها البشرية في التفاعل اليومي بين مكوناتها والتي
تؤشر خلل عقائديا واضحا وتدويرا لمعالم الكفر والالحاد بصوره المتطورة
والمتنوعة والتي تنتفع من التقدم الصناعي والفكري الذي يميز الحضارة
المعاصرة.
من الممكن القول ان (بيئة الرفض المستدام) شكلت (محمية فكرية سلوكية)
لا يمكن او من الصعوبة اختراقها وأصبح لها صدى للبيئات من حولها كما
شهدنا ذلك اليوم في المواقف الرافضة لمؤتمر التطبيع المنعقد في أربيل
الأسبوع الأخير من أيلول 21.
قد تفرض الكياسة في العمل السياسي والعلاقات الدولية والإقليمية
احترام هذه (المحمية البيئية) التي فرضتها العلاقة بين اهل البيت
ومحبيهم وتابعيهم الذين تحملوا عناء المطالبة بدمائهم التي توزعت بين
دول عدة نالت منهم افردا وجماعات وكان لذلك تأثيرا جوهريا على عقائد
البشر وتأثيرا أكبر على الواقع الأخلاقي والقيمي للحياة المعاصرة
والمقبلة على ما يبدو.
وكلما زادت محاولات اختراق هذه البيئة الخارجية ازداد التكامل
والتماسك الداخلي وظهرت الزيارات (اليومية والمليونية) وكأنها قوة رفض
(عبادية – سياسية) تعقد المشهد امام تلك المحاولات ومنها مثالنا
السابق المتعلق بمحاولات جر المنطقة لصلح مع كيان لايزال يثبت انه
يتعامل برعونة مع جيرانه ويلوح بتهديد منهجي لمعالم الحياة وبكل
تفاصيلها في المنطقة وبطريقة (اما الصلح او الخراب).
ما عاد بالإمكان (وفق المشهد في كربلاء) اقدام افرادا او مجموعات
بتبني علاقات مع إسرائيل والبقاء في معزل، لان الانخراط في القضية
الحسينية فكك المشهد من حولنا بشكل كامل وأصبحت الحدود (أخدودية
الشكل) لا يمكن الوقوف عليها ولا تصلح حتى للتطلع او التأمل في مشهد
العلاقات الطبيعية بين اسرائيل وجيرانها، ما يشكل خطرا محدقا بكل فرد
او مجموعة او كيان يغامر بهذه المهمة التي لا تضبطها ضابطة ولا تدعمها
نظرية او فكر واضح بل مبنية على دافعية مشكوك في مضمونها الى حد
التجريم قانونيا وأخلاقيا وعقائديا.
اقترح ان مهمة أطراف الصراع في كلا الجانبين إعتبار الحماية والاحترام
لبيئة الرفض المستدام التي تقابل مصادر الألم المستدام ولايمكن
التفاعل ومعالجة عملية التفاعل إلا بمعالجة مصادر الألم أو التأسيس
لمحمية لبيئة الرفض إيمانا بالحق التاريخي لانتصار الرسالات.