معالجة الجيل المأزوم – والمسؤولية التاريخية // د. عمران كاظم الكركوشي
تعمل الإرادة الغربية على صناعة جيل مأزوم ولدته توترات ناشئة بفعل
الضغط المستمر على مبادئ الحياة الأولى وحاجاتها الأساسية المفقودة
بشكل غريب في بلد عائم على محيطات من مصادر الطاقة. أصرت القوى العظمى
على احتجاز الشعب العراقي في عالم مفرغ من الحياة ومحاط بسلسلة من
الازمات من الصعب الإفلات منها وهذا حصار من نوع اخر له تداعيات على
الأجيال. ولابد ان تعمل القوى السياسية في العراق على انتزاع مفاتيح
الحياة من مخالب الذئب الأمريكي لكي تفتح للأجيال أبواب المستقبل،
وتدعل من استثمار موارد الطاقة عملا ممكنا للجميع وتأتي ثماره على
الكل ويتبين تأثيره على مفردات الحياة اليومية. ان عملية انتزاع
إرادة الحياة وتجعلها خيارا اجتماعيا بيد المواطن تحتاج الى جهود ضخمة
او لها توحيد الارادات وتفعيل الأنظمة الاجتماعية وانفتاحها بشكل
نظامي واسع يفسح مجالا للجميع الافراد الانخراط في عملية البناء
والحركة العمودية والافقية امامهم. اما إذا ساد وبقي الوضع القائم
الان في العراق والذي يستند الى استلاب النسق السياسي لكل مفاصل
الانساق الأخرى وقمع حركتها فان ذلك يحمل النسيق السياسي مخاطر جمة قد
تودي به الى التدمير الذاتي والانشطار والتشظي امام انتفاخ اوردة
العملية السياسية بضغوط لا قبل لها بتحملها. والذي يفعل هذا التأثير
هو الجيل المأزوم الذي نشا وسط الضغوط وتحملت رئتاه الكثير من الهواء
الملوث ولابد له ان يزفر زفرة قوية قد تودي به. جيل لاتزال تستفزه
عملية انقطاع التيار الكهربائي ومطبات الطرق وقلة ذات اليد وانهيار
معدلات الطموح والاستغراق في المذموم من السلوك السياسي والاستغراق في
وسائل تواصل اجتماعي تدفعه الى الاغتراب وتشكيل وعي مزيف وعقل افتراضي
لا قواعد منطقية له. الان بيد القوى السياسية - والمتدينة منها
خاصة- تحمل المسؤولية بخطاب واضح يرمي الى تأكيد استعدادها
والعمل على استنقاذ الجيل من أزمته العميقة ليكون لها موقف تاريخي
يحميها من المسالة في المستقبل. نحن نتابع بدقة وعلى مدار الساعة
الإجراءات الغربية الظالمة التي تهدف الى منع انخراط الجيل في معترك
الحياة او المسير في ركاب المدنية والحضارة، بل هناك فصل حضاري ومدني
بين الشعوب تحاول الحضارة الاقوى قمع الحضارات الأخرى وعزلها في جوف
الازمات ومنعها حتى من رؤية خرائط الحياة الحقيقة ومسالكها العلمية
والمعرفية واحتكار منتجات المعرفة وطرق البحث وأدوات العمل والإنتاج
التي توفر معدلات متقدمة من الأداء البشري وهذا مناخ مظلم لابد ان
تعمل القوى السياسية على مناجزته سلما او بغيره.